حسن تشلبي

بأسلوبه الفريد، الذي جمع فيه خطاً متحدراً من خطي حافظ عثمان و راقم مع خط حامد بيه، استطاع حسن تشلبي الوصول
إلى ذروة إبداعه الفني في الخط؛ ففيه اعتمد تقنيةً أمنت يسر القراءة دون التأثير على أبعاد الأحرف و توازنها و قياساتها.
من حينٍ إلى آخر، نرى انعكاس حروفه بغية تحقيق توازن تماثلي كما هو الحال في خط المثنى. أما عن لطخاته الحبرية
الشفافة المتروكة على الورق فتعكس براعة حركاته السريعة الملتفة و المتوحدة مع القلم و بساطة الأحرف، بعيداً عن أية أخطاء
في الوقت ذاته.
هو واحدة من الشخصيات الاستثنائية التي تعيش بأسلوب تقليدي في عصرنا الحالي، و عاش حياته الفنية التي بلغت زهاء
الأربعين عاماً و هو يجسر فن الماضي مع الحاضر بفنه الموحد للزمان.
ولد حسن تشلبي عام ١٩٣٧ ، في مقاطعة في أرزروم تدعى أوتلو، و بدأ عمله في مديرية الشؤون الدينية كممثل لها "مؤذن"
. في جامع السلطانة مهريما في أوسكودار، و خدم كإمام في عدة جوامع أخرى حتى تقاعده عام ١٩٨٦
بتشجيعٍ و إرشادٍ من حليم أوزيازجه، شرع تشلبي بممارسة فن الخط في ١٩٦٤ . و بعد أن توفي أستاذه، بدأ أخذ دروس خط
الثلث عند حامد بيه و بعدها انتقل إلى خط الرقعة و التعليق عند كمال باتاني في ١٩٦٦ . نال أولاً شهادة في خط الثلث و
النسخ من حامد بيه في ١٩٧١ ، و بعدها شهادة في خط التعليق من كمال باتاني في ١٩٨٠ تصديقاً بموهبته و إتقانه لضوابط
خط الثلث و النسخ و التعليق.
باشر بإعطاء دروس الخط في ١٩٧٦ ، و منح شهادات لأكثر من ٥٠ طالب في تركيا و خارجها إلى يومنا هذا، حتى أنه يعرف
بكونه الأستاذ الذي درب أكبر عدد من طلاب الخط على المستوى الدولي.
يحتل تشلبي مركزاً كعضو تحكيم في لجنة مسابقة الخط الدولية التي تعقد كل ثلاث سنوات من قبل مركز بحوث التاريخ و الفن
تحت رعاية منظمة المؤتمر الإسلامي، بالإضافة إلى عدة مسابقات دولية أخرى كالتي تعقد في (IRCICA) و الثقافة الإسلامية
دبي، و قطر، و ماليزيا، و إيران. كما أنه افتتح و حضر معارض عدة في تركيا و خارجها.
، عرفاناً بخدمته و مساهمته لفن الخط منحته حكومتا دبي و قطر جوائز شرف، كما نال جائزة "الخدمة الجليلة للفن" في ٢٠٠٨
. و اختير كعضو فخري لمجلس هسنوڤيسان في طهران في ٢٠٠٩
أتم تشلبي ترميم نصوص خطية في مواقع عدة، مثل: جامع السلطان أحمد، جامع البردة الشريفة ، جامع بيازيد في
اسطنبول، و قبر جيم في بورصا، و المسجد النبوي في المدينة المنورة في السعودية. كما أنه قام بالتخطيط في الكثير من
المعابد في تركيا و خارجها على القبب و إطارات و قناطر النوافذ المزينة و المشغولة بالبورسلان و المرمر و الخشب، بالإضافة
إلى مشاركته بكتابات الكثير من الأضرحة و شواهد القبور.
أعدّ تشلبي العديد من النصوص الخطية لجوامع متعددة في تركيا و خارجها، بالإضافة إلى مجموعات خطية خاصة و
طغراءات اسمية و تشكيلات حضرت من أجل رجال في الدولة. كتب سورة ياسين و الفتح و الواقعة بخط الديواني الجلي على
صورة فرمان، كما له مجموعات خاصة قدم فيها كماً وافراً من الأعمال ، مثل: الحلية الشريفة، و آية الكرسي، و آية الحسد، و
آيات أخرى عديدة و أحاديث شريفة، بالإضافة لما يعرف ب"كلام الكبار" استخدم بها خط الثلث و النسخ و التعليق و الديواني
و المحقق.
بمناسبة مرور ٥٥٠ عاماً على فتح مدينة اسطنبول، نشرت مؤسسة التاريخ و الطبيعة الوقفية ألبوماً لحسن تشلبي ضم مجموعة
من أعماله المميزة. كما منح جائزة التوليب الفضية على أعماله و مساهماته القيمة في فن الخط و تدريبه للعديد من الفنانين
الآخرين.